عنترة بن عمرو شداد هو أحد شعراء العصر الجاهلي، من قبيلة عبس. كان عبدا ثم نال حريته بفروسيته وشجاعته. وهو أحد أبطال حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان. له ديوان شعر معظمه في الحماسة والغزل.
يقول عنترة في قصيدته:
إذا كشف لك الزمان القناعا:
(أي إذا أراك الزمان ووجهه الحقيقي وأدار ظهره لك)
ومد إليك صرف الدهر باعا:
(صرف الدهر:نوائبه، مصائبه. أي مد يده إليك وهم ببطشك)
استفتح الشاعر قصيدته بأسلوب شرط. وإذا من أدوات الشرط غير الجازمة. ثم يأتي جواب الشرط في الأبيات الموالية.
فلا تخش المنية واقتحمها:
(المنية:الموت،اقتحم البيت دخله عنوة وبقوة. ومعنى الشطر، فلا تخف الموت واقتحمها، أي خض المعارك والحروب)
ودافع ما استطعت لها دفاعا:
(أي لا تستسلم وقاوم الموت بكل ما استطعت وبكل ما أوتيت من قوة)
ولا تختر فراشا من حرير:
(هذا تعبير مجازي عن الإنسان الجبان، أي لا تكن جبانا وتفضل فراش الحرير عن المواجهة والقتال)
ولا تبك المنازل والبقاع:
(أي لا تبك على المنازل والأماكن، وذلك بعد الهزائم وفقدان الأحبة. فالأجدر بالجبان أن يكون شجاعا في ساحة الوغى. لا باكيا)
وحولك نسوة يندبن حزنا:
(يندبن:يبكين. هنا تصوير لحالة الجبان وهو جالس بين النسوة وهن يبكين نتيجة حزنهن على فراق الأحبة)
ويهتكن البراقع واللفاعا:
(يهتكن:يقطعنا. البراقع: ما يغطي وجه المرأة، اللفاعا: ما يجلل جسد المرأة ككل. أي يقطعن ما يرتدين حزنا وألما)
يقول لك الطبيب داوك عندي:
إذا ما جس كفك والذراعا:
(يخبرك الطبيب أن دواءك موجود بعد فحص كف اليد والذراع) والمعنى المتضمن أن الطبيب يمكن له أن يعالج بعض الأمراض كالصداع مثلا، لكن
لو عرف الطبيب دواء داء:
يرد الموت ما قاس النزاعا:
(النزاع: هو صوت تضجر المريض المشرف على الموت. أي أن الطبيب لو وجد دواء للموت، لما قاس من آلام الموت. والمعنى المتضمن أن الموت حقيقة حتمية لا رد لها)
أقمنا بالذوابل سوق حرب:
(الذوابل:الرماح. يتحدث الشاعر بلسان الجماعة، فعنترة وقومه أقاموا سوقا، لكن ليست سوقا حقيقية تباع فيها الخضر والفواكه... بل سوق نابت فيها الرماح والسيوف عن المبيعات)
وصيرنا النفوس فيها متاعا:
أ(ي أن هذه السوق تباع فيها أرواح المقاتلين)
وحصاني كان دلال المنايا:
(الدلال هو البائع، أي حصان عنترة كان يبيع الموت)
فخاض غمارها وشرى وباعا:
(غمارها:الشدة، الزحمة. أي حصان عنترة كان وسط زحمة المحاربين يبيع ويشتري في النفوس)
وسيفي كان بالهيجا طبيبا:
(بعد أن شبه عنترة حصانه بالدلال، يشبه في هذا البيت سيفه بالطبيب. الهيجا: الهيجاء ومعناها الحرب، وقد حذف الهمزة للضرورة الشعرية)
يداوي رأس من يشكو الصداعا:
( وهذا تعبير مجازي عن قطع الرؤوس، فخصم عنترة هو مثل الذي أصابه صداع وذلك لتفكيره في مواجهة عبس وعنترة. لكن سيف عنترة سيخلصه من صداعه المجازي بقطع رأسه)
أنا العبد الذي خبرت عنه:( نبرة تحدي)
(أي أن العبد الذي وصلتك أخباري، وفي هذا دلالة على شهرة عنترة بين قبائل العرب)
وقد عاينت فدع السماعا:
(أي، أنك تراني الآن بعينيك فدع الأخبار التي وصلتك. لأن المواجهة ستكشف لك عن حقيقتي)
ولو أرسلت رمحي مع جبان:
(أي، لو رميت رمحي في إنسان جبان)
لكان بهيبتي يلقى السباعا)
(أي، من شدة خوفه من عنترة يحس كأنه يواجه أسودا)
ملأت الأرض خوفا من حسامي:
(أي، أن الخوف من عنترة قد عم الأرض. فكل الناس و القبائل تخاف سيفه. وفي هذا دلالة على شهرة عنترةبين القبائل. فهو فارس قوي شجاع مقدام لا يهاب الموت)
وخصمي لم يجد فيها اتساعا:
(أي أن عدو عنترة -ومن شدة الخوف- يحس أن هذه الأرض ضيقة)
وإذا الأبطال فرت خوفا بأسي:
(الملاحظ أن عنترة قال الأبطال ولم يقل الجنباء، إذ جعل نفسه في مرتبة أعلى من الفرسان الشجعان. معنى البيت، هو أن الأبطال عندما يفرون خوفا من شدة وقوة عنترة)
ترى الأقطار باعا أو ذرعا:
(الأقطار:ناحية جهة... باعا: مسافة ما بين الكفين إذا انبسطت الذراعان. ذراعا: مسافة تعتمد على طول الساعد، أي من المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى. ومعنى البيت أن الأبطال عندما تهرب من عنترة، تحس أن الأرض ضيقة جدا كأنها باع أو ذراع، وكل ذلك من شدة خوف عنترة)
شرح جميل تستحق فيه كل الدعم
ردحذفأبدعت الشرح
ردحذفبارك الله فيك
ردحذفجميل
ردحذف